الوادي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الوادي

الحياة خبر كويس وآخر سيء
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
»  خيارات الموهبة
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالسبت مايو 26, 2012 4:44 pm من طرف محمد خطاب

» استخدموا (ضمير الملكية) وقولوا: أبنائي .. طلابي .. مدرستي
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالسبت مايو 26, 2012 4:35 pm من طرف محمد خطاب

» تطبيقات ( الكايزن ) في الطفولة المبكرة بقلم : لمياء صالح
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالسبت مايو 26, 2012 4:26 pm من طرف محمد خطاب

» حرب البلقان ١١ يوليو ١٨٧٦
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالخميس مايو 03, 2012 11:05 pm من طرف محمد خطاب

» بناء الدولة الحديثة في مصر
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالخميس مايو 03, 2012 11:02 pm من طرف محمد خطاب

» رؤساء مصر من أيام عمرو بن العاص الى الان
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالخميس مايو 03, 2012 10:51 pm من طرف محمد خطاب

» الكرامة المصرية و الاستعلاء السعودي بقلم : محمد خطاب
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالأحد أبريل 29, 2012 9:44 pm من طرف محمد خطاب

» من التاريخ النوبي : أمیر نوبى
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالأحد أبريل 29, 2012 12:56 am من طرف محمد خطاب

»  الحملة الفرنسية على مصر من خلال المؤرخ عبد الرحمن الجبرتي(دراسة استشراقية)عمر البوجمال بن جاسم2
الأرنب والحجاج Icon_minitimeالخميس أبريل 26, 2012 4:26 am من طرف محمد خطاب

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
منتدى
التبادل الاعلاني
مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث

 

 الأرنب والحجاج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد خطاب
Admin



عدد المساهمات : 148
نقاط : 441
تاريخ التسجيل : 21/07/2009

الأرنب والحجاج Empty
مُساهمةموضوع: الأرنب والحجاج   الأرنب والحجاج Icon_minitimeالجمعة نوفمبر 27, 2009 1:47 pm

عبد العزيز جلاوي
ما كان للشيخ قدور أن يلج البيت قبل أن يمسح بعينيه كل ما يحيط به من البيدر إلى الزريبة إلى الإسطبل، فله مغرب كل شمس حساب قد يطول وقد يقصر مع أولاده وأحفاده، وفي بعض الأحيان يمتد إلى زوجه وأزواج أبنائه.
والشيخ قدور طويل بيّن الطول لا ينظر إلى الناس إلاّ وهم تحته، ولا ينظرون هم إليه إلاّ وقد اشرأبت أعناقهم نحوه، وجهه مستدير تخط خديه الموردين خيوط الدم الأحمر، حين يمشي تخاله هضبة متحركة، يعامله الناس جميعا معاملة هيبة ووقار تتحول في كثير من الأحيان إلى خضوع وخنوع.
الكل في أسرته طوع أمره لا جميل إلا ما كان عنده جميلا ولا قبيح إلا ما كان عنده قبيحا، هذا البيت الذي يجثم على هذه الهضبة كأنه مركز حراسة ومراقبة هو الذي اختار موقعه، وهو الذي بناه بالحجارة وهو الذي حدد غرفه الواحدة تلو الأخرى بمزاجه وذوقه.
وهو الذي اختار لأبنائه الزوجات كما اختار لهم الأسماء، وما زال يختار لهم ولأولادهم ما يناسبهم من شؤون حياتهم، يد النساء لا تمتد إلى الطعام حتى يشبع الرجال، ولا تمتد يد الرجال إلا إذا كان حاضرا بينهم ولو انتظروه حتى منتصف الليل.
ينامون حين يريدهم أن يناموا وينهضون حين يريدهم أن ينهضوا، هو السيد وهم هياكل يحركها كيف يشاء، حتى أن حفيده الأكبر كان يطلق اسم الحجاج، ولم يكد يسمع بهذه الكلمة تتداول بين أفراد الأسرة سرا: اسكتوا جاء الحجاج... اعملوا جاء الحجاج... ناموا جاء الحجاج... كفوا عن اللعب جاء الحجاج... حتى أوقف الجميع في أشنع محاكمة، غير أن حفيده الأكبر استطاع بذكائه أن يخفف غطرسة جده حين أخبره أنهم في المدرسة إذا أرادوا أن يؤكدوا أن الرجل قد حجّ حجا مبرورا سموه حجاجا.
وانتفخ الشيخ قدور في برنسيه الأبيض والأسود كالديك الرومي مفتخرا بأنه هو الحاج الوحيد الصادق في هذه البلدة أما غيره فإن هم إلا تجار.
وما فتئ أن زالت عنه كبرياء الغرور وعاد ليقول لحفيده بصلافة:
- على كل أنا لا أؤمن بمعلمك في المدرسة، إن المعلم الذي لا يدرس إلا عن القط والفأر، ولا يعرف إلا ماما في السوق وبابا في المطبخ لا يفقه شيئا سأسال عنها (الطالب).
والطالب هو معلم القرآن في القرية، وكاتب التمائم، والمتحكم في رقاب الجن والعفاريت، وهو المفتي لأهل القرية في كثير من أمورهم الدينية والدنيوية، يحكم بين المتخاصمين في المنازعات، ويشرف على شعائر الزواج والطلاق، كلمته مسموعة ورأيه لا يرد، وله عند الشيخ قدور مكانة طيبة، وينال منه الحظوة والاحترام، ويفتي له في كل أمور الدين والدنيا، ووجد الشيخ قدور في فتاويه التساهل فركن إليه وأحبه.
كان الوقت غروبا.. والشمس تكاد تأفل حين عاد الشيخ قدور من المدينة، ما إن اقترب من الدار حتى أحس بحدسه الدقيق أن دافعا سريا يدفعه من أعماقه أن يصرخ ويصيح، وتراءت بين ناظريه صور الدم والقتل... والصياح والصراخ... والعويل والبكاء... وتصاعدت إلى خياشيمه رائحة النار والبارود...
وضع رزمة الملح التي كان يحملها... وطاف بالبيت وتفقد زريبة الأنعام... ولاحظ أن الأولاد لم يضعوا العلف حتى الآن للبقرتين والفرس... ثم سار خطوات إلى الأمام يتأمل الجبل وقد بدأت الشمس تنحسر عنه ومسحه طولا وعرضا ومن قمته إلى سفحه... كل شيء صامت ساكن.. الصخور هي الصخور، وأشجار الصنوبر الصغيرة التي أوشكت أن تغطي الجبل هي هي... وتأمل الأرض بين قديميه... كان النمل يتجمع بكثرة عجيبة وهو يغدو ويروح في خط طويل، فراح يتتبعه بعينيه حتى إذا اختفى أثره سار خلفه إلى أن نزل في واد صغير، وفوجئ وهو يرى النمل يغطي الجثة وقد خضب الدم القاني صدرها وبطنها.
قطب الشيخ قدور جبينه وعقف شاربيه الطويلين وانتفخ صدره فزفر من أعماقه ووضع خيزرانه الغليظ على جانبه، وجثا على ركبتيه، ثم مدّ يده ووضعها على الجثة، ثم رفعها إليه ودسّ أنفه في الجرح وجذب نفسا عميقا حتى ملأ الدم خياشيمه.
- ويل للغدار مني الويل... أو يعتدى على حرمة الشيخ قدور وهو حي؟؟ !!
وأطلق الجثة من يده لتسقط مكانها كما كانت، وعاد سريعا إلى البيت يضرب الأرض بعصاه الغليظة حتى يتطاير التراب والحجر... وولج البيت هائجا فتسارع الصبية يختفون من أمامه، ولزمت النساء الصمت المطبق وكل منهن تحرس ظهرها من أن تنزل عليه عصا الشيخ كالصاعقة الماحقة، وصرخ الشيخ بأعلى صوته.
- أين أشباه الرجال الذين أنجبتهم؟!
ودفع بإصبعه الغليظة في فمه وعض عليها بأسنانه الحادة وقال:
- آه للشيخ قدور أصبحت القطط تستأسد عليه.
ولم يجد أحدا من أولاده فخرج مغاضبا من الحوش الكبير... تأمل يمنه وشملة ثم اندفع يشق الطريق أمامه يقصد أبناءه عند الحقل... لم يكن يدور في خلده إلاّ الدم والقتل والثأر. وقطع منتصف الطريق بسرعة لا تتناسب مع سنه المتقدمة ولا مع الشيب الذي خط رأسه ولحيته جميعا... ولكنه الشيخ قدور!
وبدا ابنه الأكبر قادما من بعيد يحمل المجرف على ظهره، فصاح في سمعه كأنما الرعد الهادر:
- أسرع، أسرع لا أراك الله خيرا إن أنت رجل.
وتطاير الابن ملبيا كأنما هو فولاذ يجذبه المغناطيس بقوة قاهرة، ووصل وهو يلهث، فقبّل أباه على كتفه ووقف صامتا ينتظر الأوامر كأنه أمام إله جبار.
- ياعلي أنت الأكبر، كنت أظن أني أموت قرير العين تاركا خلفي قدورا آخر يخالفه الرجال ويهابه الأبطال، ولكن أخشى أن أغمض عيني وأترك خلفي رمادا تذوره الرياح... ويضحك مني الرجال، النار يا علي تلد النار وتلد الرماد ولا أريد أن ألد رمادا.
ورفع بالجملة الأخيرة صوته حتى اشتد احمرار وجهه، وتصبب جبينه عرقا...
وضع علي المجرف من فوق كتفه العريضة وقال:
- البركة فيك يا أبت وكلنا الشيخ قدور، بل كلنا شعلة من اللهب الذي لا يبقي ولا يذر، ولكن ماذا وقع؟؟
- ماذا وقع؟؟ لأنكم نيام في وضح النهار أما سمعت رصاصا، أما شممت رائحة البارود والخيانة والدم؟؟
- أجل سمعت رصاصا، لكني ظننته رصاص صيادين.
وانفجر الشيخ قدور كالرعد، ونزل على ابنه الذي تجاوز الثلاثين بعصاه غير مبال أين تقع من جسده، ولم يكن لعلي أن يفر أو يستنكر أو حتى يتألم فتلك الطامة الكبرى والصاخة العظمى، وهدأ الشيخ ليقول:
- تبا لكم.. البارود هو البارود.. والذل هو الذل.. يأتي الرجال إلى البيت ويكسرون حرمتنا.. ويعتدون على شرفنا.. ولم يبق لهم إلاّ أن يهربوا نساءكم يا ديايثة.. احمل البندقية والحق بهم، وسأبعث أخاك في أثرك، اسرع إن لم تقتلهم فاقتل نفسك لا أحب أن أراك ولا أحب أن أرى البندقية التي لا تحمي عرضي وشرفي… هيا هيا لا أحب أن أراك.
واعرض عنه بوجهه، فاندفع علي كما الآلة الصماء الفتاكة… دلف البيت على عجل… حمل البندقية وعاد أدراجه… شق جانب الحقل الأيسر.. وصعد الجبل في خفة غير مبال بما علا وما نزل من أرضه… ليس في ذهنه إلا أن يلحق بهذا العادي… ولحق به أخوه منتصف الطريق وراحا يجريان لا أحد منهما يكلم الآخر.
وتراءى لهما رجلان، وقد بدأت الشمس تدخل في ثوبها الأحمر القاني من الشفق، وارتفع صوت علي من بعيد مهددا، فتوقف على إثره الرجل الأول ثم صاحبه الذي كان برفقته، وأطلق عليّ عيارا في السماء دوىّ له الكون الساكن، ثم أطلق عيارا آخر، وفتح البندقية دون أن يتوقف، وحشاها بالموت، ثم أعاد غلقها.
- خيرا إن شاء الله.
هكذا قال الرفيق وقد بدا عليه الخوف والفزع.
- من أين يأتي الخير يا كلاب؟
هكذا رد عليّ وهو يستعد للإطلاق.
فرد الرجل الأول وقد رأى علامات الشر بادية على محيا علي.
- العن الشيطان واستغفر الله.
- أنت الشيطان وأنت الملعون، لم يولد بعد من يكسر حرمة بيت الشيخ قدور.
- حاشا لله ما فعلنا ذلك.
- والأرنب الذي أرديته قتيلا ببندقيتك هذه؟
- والله ما قصدنا، نحن صيادان وقد ظنناه أرنبا بريا.
- اسكت يا كذاب.
ورأى الصياد الزبد يتطاير من بين شدقي عليّ، وقد كانت العمامة تنحدر من فوق رأسه، فوضع إصبعه على الزناد ورد بغضب
- تعمدنا قتله وماذا ستفعل؟ أرني رجولتك.
وانطفأ نور البصيرة من القلوب وتلاقت البندقيتان في ضربتين متزامنتين وسقطت الجثتان هامدتين لقد فارقتا الحياة.
وغطى على الكون سكون وهدوء.. ولف الطبيعة ظلام دامس.. وبات الحجاج ينتظر عودة علي وعودة البندقية.. فلا هو عاد ولا هي عادت.

8/5/1992م.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://khatab38.yoo7.com
 
الأرنب والحجاج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الوادي  :: عالمي :: أحلام-
انتقل الى: