محمد خطاب Admin
عدد المساهمات : 148 نقاط : 441 تاريخ التسجيل : 21/07/2009
| موضوع: التفكير النقدي.. التحليق في فضاء الإبداع بقلم : مريم دجين الكعبي الثلاثاء أبريل 24, 2012 2:10 pm | |
| يذهب علماء النفس الاجتماعي إلى أن الفرد منذ طفولته وداخل محيط أسرته تنمو قدراته العقلية ويعرف باطراد معنى ودلالة ما يحيط به ويتعلم الكلام والقدرة على إنشاء العلاقات الاجتماعية والتفاعل معها وتعلم القيم والاتجاهات السائدة في مجتمعه، وهم يؤكدون أن المدرسة هي المؤسسة الاجتماعية الرسمية التي تقوم بوظيفة التربية ونقل الثقافة المتطورة وتوفير الظروف المناسبة للنمو جسميًا وعقليًا وانفعاليًا واجتماعيًا. فالمدرسة كما توسع الدائرة الاجتماعية للطفل فإنها أيضًا توسع مداركه وتفكيره وتعمل على تنمية مهاراته وقدراته العقلية من خلال مناهج تتيح هذا النمو، ومعلمين مؤهلين ومدربين على أداء هذه المهمة، ومناخ مدرسي يحترم القدرات العقلية الإنسانية وينميها ويطورها.(زهران، 1984). والسياسة التعليمية للمملكة العربية السعودية أولت هذا الأمر اهتمامها من خلال ما وضعته لنفسها من أهداف عامة كان من بينها تشجيع وتنمية روح البحث والتفكير العلميين، وتقوية القدرة على المشاهدة والتأمل، والاهتمام بالإنجازات العالمية في ميادين العلوم والآداب والفنون المباحة، وتنمية التفكير الرياضي والمهارات الحسابية، وتنمية مهارات القراءة وعادة المطالعة سعيًا وراء زيادة المعارف. (وثيقة سياسة التعليم) وإن كان تحقيق هذه الأهداف أتى متباينًا من مرحلة إلى أخرى ومن منطقة إلى أخرى ومن مدرسة إلى أخرى، إلا أن الأهداف التطويرية لهذه السياسة نستطيع تلمس بعضًا منها من خلال أهداف مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم والذي برز من خلال بناء معايير عالمية لمختلف جوانب العملية التعليمية وعناصرها، وتطوير نظام متكامل لتقويم التعليم وقياس مستوى الجودة، أيضًا تطوير مختلف عناصر العملية التعليمية والمشتملة على المناهج التعليمية والمعلم والمعلمة والبيئة التعليمية وكذلك تعزيز القدرات الذاتية والمهارية والإبداعية وتنمية المواهب والهوايات وإشباع الرغبات النفسية لدى الطلاب والطالبات.(موقع تطوير). ورغم أن التفكير النقدي أحد أهم وسائل التعلم، إلا أن هذه الوسيلة شبه مغيبة في مدارسنا، فمازالت وسائل التعليم تعتمد أسلوب التلقين المباشرة ومدى قدرة الطالب أو الطالبة على حفظ المادة المقررة، وفي المرحلة الابتدائية تحديدًا عزز هذا الأمر من خلال أسلوب التقويم المستمر الذي يعتمد على مهارات شرطية محددة مسبقًا، متى ما أتقنت تم الانتقال للصف الأعلى، وهي في أغلبها مهارات تعتمد على حفظ جزء بسيط من المادة العلمية المطلوبة. كل هذا جعل الطالب أو الطالبة يمتلك معلومات مجزأة غير مترابطة، مما أفرز طلبة غير قادرين على عملية الربط والتحليل بشكل يتلاءم والمراحل الدراسية التي ينتقلون إليها تباعًا. وقد أجمع المختصون النفسيون على أنه باستطاعة الطلبة أن يتعلموا مهارات التفكير بصورة أفضل إذا أولت المدارس والمربون هذا الأمر ما يستحق من عناية وبحث ومتابعة لتصبح المدرسة والجامعة والمؤسسات التعليمية الأخرى مراكز لرفد المجتمع بموارد بشرية قادرة على ممارسة التفكير الناقد أو الإبداعي وغيرهما من أشكال التفكير الأخرى التي من شأنها أن تعزز من قدرات النشء في مجالات صنع القرار وحل المشكلات والتصور والتحليل والتعليل والتفسير والتقويم، ولا شك في أن هذه المهارات والقدرات تسهم في بناء شخصية إنسانية تتصف بالمثابرة والمرونة والانفتاح الذهني واحترام المعايير العقلية والعلمية والتفكير المستقل.(داود، 2003) فأتت فكرة القراءة النقدية لتقديمها لطالبات المرحلة الابتدائية كمسابقة لها شروط معينة تتناسب والمرحلة العمرية والعقلية التي يمررن بها. التفكير النقدي التفكير يمثل قائمة من الأنشطة العقلية تتضمن كلاً أو بعضًا مما يلي: أحلام اليقظة، الرغبات، الشطحات، الصور الخيالية، استيعاب الأفكار استعراض الأفكار، اكتساب أفكار جديدة، استنباط نظريات سياسية، الجدل السياسي، اتخاذ القرارات، القراءة، الكتابة، التخطيط، تناول إحدى القضايا.. والقائمة بالتأكيد تطول، وربما كانت إحدى السمات الرئيسية للتفكير أنه يبدو تحت سيطرتنا، بمعنى أننا أحرار في استحضار صورة للعالم الذي نعيشه، أو حتى عالم آخر من نسج خيالنا ونجرب عقليًا مسارات مختلفة من الإجراءات دون أن نلزم أنفسنا بعلم حقيقي، ولقد تمت البرهنة على أن هذه السمة ذاتها من القدرة على استعراض الأعمال بصورة رمزية أكثر من كونها واقعية هي ما يكون التفكير البشري.(جوديث، 1992). والتفكير فريضة أرسى أسسها الإسلام ورسخ مهاراتها في عقول أبنائه، فليس هناك دين أعطى العقل والتفكير مساحة كبيرة من الاهتمام مثل الدين الإسلامي وعندما يخاطب القرآن الكريم الإنسان المسلم فإنه يركز على عقله ووعيه وتفكيره، ولأهمية التفكير للإنسان المسلم وردت كلمة تفكير أو مرادفاتها (يتفكرون – يبصرون – يعقلون – يتذكرون.. إلخ) مرات عديدة في القرآن الكريم. في كتابه التفكير النقدي يعرف مور وباركر التفكير النقدي بأنه «التمحيص الدقيق للأفكار ومدى قبولنا أو رفضنا لها، ودرجة ثقتنا في قبولنا أو رفضنا». والتفكير النقدي هو نشاط عقلي يتصف بالتنظيم وتحكمه قوانين مجردة مثل قوانين الاستدلال والاستنتاج، والهدف منه هو اختبار صحة أية معلومة يستقيها الفرد من محيطه الخارجي، وفي حالة اجتياز هذا الاختبار تنتقل هذه المعلومة لتكوّن جزءًا من نظرة الفرد للعالم من حوله. لهذا السبب بالذات فإن التفكير النقدي هو المسؤول عن تكوين نظرة متناسقة ومتماسكة للعالم الخارجي من حولنا. ليس المقصود بطبيعة الحال تطبيق الشك الديكارتي بطريقة حرفية، فهذا المذهب في الشك مستحيل من الناحية العملية وذلك باعتراف ديكارت نفسه، وهو أيضًا مستحيل من الناحية النظرية، ذلك أن الشك في أية معرفة مكتسبة يتضمن وجود مسبق لمعيار من المعرفة الأولية نستطيع من خلاله تقييم هذا الشك. إنما المقصود هو محاولة إخضاع أكبر قدر من المعلومات المكتسبة لاختبار التفكير النقدي، وعلى الأخص تلك التي لها علاقة بقرار مصيري أو آثر بالغ على حياة الفرد.(المطيري، 2003). خصائص التفكير النقدي حسب ويكبيديا فإن خصائص التفكير النقدي تكمن في التالي: • التعرف على المشكلات وإيجاد وسائل عملية لمواجهة تلك المشاكل. • فهم أهمية تحديد الأولويات وترتيب الأسبقية في حل المشكلات. • الاعتراف بما هو مطروح من الافتراضات والقيم. • فهم واستخدام اللغة بدقة ووضوح، وفطنة. • تفسير البيانات، وتقييم الأدلة والحجج. • التعرف على وجود (أو عدم وجود) العلاقات المنطقية بين الطروحات. • استخلاص الاستنتاجات وتبرير التعميمات. • وضع الاستنتاجات والتعميمات التي يصل إليها موضوع الاختبار. • إعادة بناء أنماط من المعتقدات على أساس الخبرة الأوسع. • إصدار أحكام دقيقة حول أشياء معينة وصفات في الحياة اليومية.(Wikipedia,201). وترى هارنادك أن الصفات التي يجب أن يتصف بها المفكر الناقد هي: أن يكون منفتح الذهن نحو الأفكار الجديدة، ولا يتجادل في أمر لا يعرف عنه شيئًا، ويعرف متى يحتاج إلى معلومات أكثر عن شيء ما والنتيجة التي يجب أن تكون حقيقية، يعرف أن لدى الناس أفكارًا مختلفة نحو معاني الكلمات، يتساءل عن كل شيء لا يفهمه، ويحاول الفصل بين التفكير العاطفي والتفكير المنطقي، ويحاول بناء مفرداته وزيادتها باستمرار بحيث يستطيع فهم ما يقوله الآخرون.(داود، 2003). التفكير النقدي والعملية التعليمية والتربوية يجمع المهتمون بالتفكير النقدي على أهميته لأنه يحول عملية اكتساب المعرفة من عملية خاملة إلى نشاط عقلي، يؤدي إلى إتقان أفضل للمحتوى المعرفي، وفهم أعمق له على اعتبار أن التعليم في الأساس عملية تفكير، ويكسب التفكير الناقد الطلبة تعليلات صحيحة ومقبولة للمواضيع المطروحة في مدى واسع من مشكلات الحياة اليومية ويعمل على تقليل التعليلات الخاطئة، ويؤدي إلى مراقبة الطلبة لتفكيرهم وضبطه، ويجعل أفكارهم أكثر دقة وأكثر صحة، مما يساعدهم في صنع القرارات في حياتهم اليومية، ويبعدهم عن الانقياد العاطفي والتطرف في الرأي، ويؤكد (smith, 1977) أن التفكير الناقد من المقومات الأساسية للمواطنة الفاعلة وفي عصر اتسعت فيه المعلومات وانتشرت وسائل الإعلام، وشاعت فيه الدعايات والإشاعات وكثر السياسيون، لابد للفرد أن يكون قادرًا على التفكير الناقد، لكي يستطيع الحكم على مصداقية هذه المعلومات وتصنيفها ومعرفة الغث منها والسمين. كما أن تنمية التفكير الناقد، يشجع الطلبة على التفكير الجدلي (Dialectical) الذي بدونه لن يكون الطالب متكاملاً عقليًا ووجدانًا وأخلاقيًا، كما يمكن الطلبة من مواجهة متطلبات المستقبل، إذ إن أساسيات القرن الحادي والعشرين لن تكون باكتشاف كميات هائلة من الحقائق التي ينبغي مذاكرتها واستظهارها، وإنما تكون باكتساب الأساليب المنطقية والعقلية والإبداعية في استنتاج وتفسير الأفكار.(داود، 2003). ولأجل ذلك حرصت الدول المتقدمة – مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وكندا والصين، واليابان، وفرنسا، ومثل سنغافورة، وأستراليا- على إدراج مهارات التفكير الناقد في مؤسساتها التعليمية منذ سنوات الطفولة الأولى في الروضة، وصولًا بهذا التعليم إلى المراحل الجامعية، ثم متابعتها في مجالات العمل المختلفة، وتتميز اليابان عن غيرها بأنها تملك أقوى نظام تربوي عام في العالم، ويعود اهتمام اليابان بهذا التعليم وتطبيقه إلى مابعد الحرب العالمية الثانية، وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية فقد تبلور هذا الاهتمام لديها في بدايات السبعينيات، وتم تطبيقه في الثمانينيات من القرن المنصرم، حيث أوصى المعهد الأمريكي للتربية بضرورة إعطاء مهارات التفكير الناقد أولويةً خاصة في المناهج الدراسية، ومازال الاهتمام بهذا النوع من التعليم في الولايات المتحدة الأمريكية قائمًا حتى وقتنا الحاضر، كما يعود اهتمام سنغافورة بهذا النوع من التعليم وتطبيقه إلى عام 1997، وهو العام الذي فيه عقد المؤتمر الدولي السابع للتفكير.(سويد،2003). وتعد تجربة سنغافورة في مجال تنمية مهارات التفكير الناقد نموذجًا ينبغي التوقف عنده، حيث أصبح تعليم التفكير ركيزة أساسية لإصلاح التعليم وتطويره وهدفًا أساسيًا من أهدافه، وقد استفادت سنغافورة في وضع خطط هذا النوع من التعليم مما تبلور من اتجاهات تربوية وتم استحداثه من استراتيجيات تعليمية في مجال تعليم التفكير الناقد وتنمية مهاراته. (البهكلي، 2010). اتجاهات تعليم التفكير النقدي برز اتجاهان في تعليم التفكير الناقد: الأول: يدعو إلى أن يتم تعليم التفكير الناقد من خلال تعليم المواد الدراسية المقررة، مثل الأحياء والفيزياء والقراءة، أو أي مادة دراسية أخرى، والمفهوم الذي يرتكز عليه هذا الاتجاه أنه لا يمكن فصل التفكير الناقد عن موضوعه، ويصبح التفكير الناقد مهارة خاصة أو متخصصة، في المجال المعرفي الذي يكون المتعلم على اطلاع بحقائقه ومفاهيمه الأساسية ومصطلحاته و بالتالي أسلوب التفكير فيه ويدافع أنصار هذا الاتجاه عنه بأنه يساعد الطلبة على اكتساب فهم أعمق للمحتوى المعرفي للمادة الدراسية المعينة، ويتدرب الطلبة على التفكير الناقد من خلال تعليم القراءة مما يساعدهم في التغلب على الصعوبات التي يواجهونها في تعلمها، وكذلك الأمر بالنسبة لمادة الرياضيات وغيرها من المواد الدراسية ويحفز الطلبة على استخدام التفسيرات الصحيحة والأحكام الدقيقة فيما يتعلق بالمادة الدراسية المعنية، مما يتطلب أن يتدرب معلمو المواد المختلفة على استخدام التفكير الناقد في تدريسهم. الثاني: يدعو إلى تعليم التفكير الناقد كمادة مستقلة على المواد الدراسية الأخرى باعتباره قدرة أو مهارة عامة، وإذا استطاع المتعلم أن يكتسب هذه القدرة، فبموجب هذا الاتجاه يمكن أن يكون لها تطبيقات في مجالات معرفية متنوعة، ومنها المواد الدراسية على اختلافها التي تتضمنها المناهج المدرسية، وفي هذا الاتجاه يتم بناء برنامج خاص بالتفكير الناقد بحيث يقوم معلم مختص بتدريب الطلبة، وقد أظهرت دراسة (Riesenmy, 1985) أن الأطفال الذين دربوا على مهارات التفكير النقدي تمكنوا من الاحتفاظ بهذه المهارات ونقلها إلى تطبيقات ومسائل جديدة مختلفة عن المسائل التي تعلموا بها.(داود، 2003). أثر التفكير النقدي على التحصيل المعرفي للطلبة ذهبت نتائج تجربة سنغافورة في التفكير الناقد إلى أن تعليم التفكير لا يشكل مشكلة بل هو أمر ممكن التحقيق، كما أن أنواع التفكير يمكن تدريسها بفاعلية، وأن جميع الموضوعات مناسبة للتفكير إذا قدمت ضمن سياق مناسب، بالإضافة إلى أن كل المتعلمين وبصرف النظر عن خلفياتهم وقدراتهم الاستيعابية قادرون على تعلم التفكير.(البهكلي، 2010). إن طريقة التعليم الناقد تعني تدريس المفهوم أو القاعدة بطريقة تتضمن اكتشاف الطالب أو الطالبة لهذا الارتباط أو المفهوم أو القاعدة، وهي الطريقة التي يتم تأجيل الصياغة اللفظية للمفهوم أو التعميم المراد تعلمه حتى نهاية المتابعة التي تتم من خلال تدريس المفهوم أو التعميم.(عابد، 1989). ولا تقوم هذه الطريقة على أساس فرض المادة التعليمية على الطالب في شكلها النهائي، بل ينبغي أن يعيد تنظيمها أو يقوم بتحويلها على نحو معين قبل أن يتمثلها في بنيته المعرفية.(جابر، 1978). فطريقة التعليم الناقد تجعل الطالب محور العملية التعليمية، فهو يمارس العمليات العقلية المختلفة من ملاحظة ووصف وتصنيف وتفسير واستنتاج وتنبؤ وغيرها من عمليات التعلم، وذلك أثناء حله للمشكلات التي يتضمنها الدرس، حيث إن الطالب هناك لا يعطي خبرات التعلم كاملة، وإنما يبذل الجهد في اكتسابها والحصول عليها باستخدام عمليته العقلية، على عكس أساليب الطريقة التقليدية التي ركزت على الحفظ الاستظهاري للمعلومات والحقائق المضمنة في مقررات العلوم في صورة مجزأة غير مترابطة، وعلى حساب وضوح المعنى والفهم السليم.(كاظم، 1999). إن تزويد الطالب بالمهارات العقلية أحد أهم الأهداف التي تسعى لها السياسية التعليمية في المملكة العربية السعودية، وبما أن العقل لا ينمو إذا كان حبيس دائرة مغلقة من المعلومات البسيطة المجزأة، فإن إعادة القراءة للعديد من المعلومات التي يكتسبها الطالب دون تمحيص أو نقد أو تفكير قد يكون السبيل لبناء جيل واعد بفكر جديد، فكر مبني على ثوابت راسخة وإبداعات فكرية تطلق عقول الطلبة للإبداع والتحليق في فضاءات واسعة ورحبة. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] | |
|